جورج الهاني
وضع الملفّ الرياضي في الثلاجة موقتاً بعدما تقدّمت الأحداث العسكرية
المتسارعة والمُقلقة على ما عداها من ملفّات لم تعد لها الأولوية حالياً في ظلّ ما
يواجهه لبنان من حروب ودمار وويلات.
والحقيقة تُقال إنّ ما تعاني منه الرياضة مع كلّ محنة عصيبة تشهدها البلاد
يُصيبها في الصميم ويُعيدها خطواتٍ كثيرة الى الوراء، فهي لا تكاد تنفض الغبار
عنها لكي تتمكن من الإقلاع بالشكل السليم والصحيح حتى تجد نفسها تترنّح تحت وطأة
التطوّرات الدراماتيكية على إختلافها، بدءاً من ثورة 17 تشرين الأول 2019، مروراً
بتفشي وباء كورونا في العام 2020 والأزمة الإقتصادية الحادّة التي تلته وأرخت
بظلالها الثقيلة حتى يومنا هذا على كافة القطاعات الحيويّة، وإنتهاءً بالأوضاع
المأساوية الراهنة التي تلفّ كامل تراب الوطن، وفي كلّ مرة كان القطاع الرياضي
يدفع ثمناً باهظاً من خلال إقفال أبواب الملاعب وتجميد النشاطات والبطولات الرسمية
والودّية في كافة الألعاب الجماعية والفردية، من دون أن ننسى هجرة عدد لا بأس به
من اللاعبين الشباب، إن بدافع العمل والعيش الكريم، أو لتحصيل علومهم الجامعية في
الخارج.
من المؤسف والمحزن حقاً أن تبقى الرياضة اللبنانية أسيرة المفاجآت المُرّة
ورهينة المستجدّات الخارجة دوماً عن إرادتها، في وقت هي بأمسّ الحاجة الى كافة
أنواع الدعم والرعاية والمساعدة للوقوف على قدميها في ضوء الظروف الإقتصادية
والمالية والحياتية المزرية، فمعظم الإتحادات عاجزة، وغالبية الأندية شبه مفلسة،
فيما قسمٌ كبيرٌ من اللاعبين والمدرّبين والحكّام يبحثون عن مصدر رزق إضافيّ، ولو
لم يكن يمتّ للرياضة بصلة، وهذا يؤثّر سلباً بشكل أو بآخر على مستواهم الفنّي
وحضورهم الذهني ولياقتهم البدنية على أرض الملعب إن في التمارين أو المباريات، أما
وزارة الشباب والرياضة فترفع منذ إنشائها في العام 2000 وفصلها عن وزارة التربية
الوطنية والفنون الجميلة في حكومة الرئيس الراحل رفيق الحريري، شعار: "العين
بصيرة واليد قصيرة"، وذلك بحجّة أنّ
موازنتها السنوية هي دائماً أقلّ من واحد بالمئة من مجموع موازنات الوزارات
الأخرى، وبالتالي فإنّ دورها هو إستشاريّ ورقابيّ، بإنتظار الفرج الماليّ الذي لا
تلوح بوادره في الأفق قريباً.